رای من جریدة القدس العربی قد عالجت الی ازمة افغانستان و تبحثها بشکل یختلف نقراها الیوم. فی هجوم مضاد على حركة طالبان العام الماضی اكتشفت سلطات كابول أن أربعة قادة إیرانیین قد قتلوا وأعلن عن جنازتهم فی طهران كما أن الكثیرین من عناصر طالبان القتلى والجرحى تم نقلهم عبر الحدود الإیرانیة حیث تم تجنیدهم وتدریبهم.
هجمات طالبان التی تمت ضد مدن ومناطق عدیدة كانت أكثر محاولات الحركة طموحا منذ عام 2001 للاستیلاء مجددا على السلطة، ولكنها كانت أیضاً جزءا من حملة إیرانیة لملء الفراغ الحاصل نتیجة التراجع العسكری الأمریكی هناك، وهو ما اعتبر أكبر عملیة تدخل إیرانیة فی أفغانستان منذ عقود.
وفی حالة تشبه الوضع السوری فإن روسیا أیضاً بدأت بالتنسیق مع إیران لتقریر مصیر أفغانستان ولمجابهة التدخّل الأمریكی هناك. فی نیسان/إبریل الماضی استضافت محادثات عالیة المستوى حول أفغانستان مع الإیرانیین، بحضور دبلوماسیین صینیین وباكستانیین.
إضافة إلى ذلك فإن الروس، بالتنسیق مع حلفائهم الإیرانیین، بدأوا منذ فترة طویلة بشرعنة طالبان علناً، وهو ما قاله الجنرال جون نیكلسون فی شهادة لمجلس الشیوخ الأمریكی فی شباط/فبرایر الماضی، مؤكدا أن موسكو تتشاور مع طهران حول دعم طالبان.
یشیر هذا الوضع إلى تزاید ثقة البلدین بحجمهما وتأثیرهما الإقلیمی والعالمی واستغلالهما لأماكن ضعف أمریكا، التی كان الطرفان مؤیدین لها، ومستفیدین من هجومها عام 2001 لاقتلاع طالبان، لكن الواضح أن الظروف بالنسبة للحلیفین قد تغیّرت، فوجود الإیرانیین على الأرض یعنی، بالضرورة، تنافساً عسكریا مع واشنطن مع ما یحمل ذلك من احتمالات تصادم، كما أن الروس یعتبرون أفغانستان جزءاً من مجال تأثیرهم الحیوی فی وسط آسیا.
استراتیجیة الرئیس الأمریكی دونالد ترامب (الجدیدة) حول أفغانستان والتی أعلن فیها أن بلاده لن تنسحب، مع التمهید لإرسال جنود إضافیین، أشارت إلى حركة طالبان واتهمت باكستان بأنها (ملاذ لعملاء الفوضى) لكنّها لم تذكر شیئا عن الطرفین الإیرانی والروسی، وهو ما یبیّن التخبّط الكبیر للسیاستین الخارجیة والعسكریة لواشنطن، كما یبیّن الفشل الكبیر الذی ینتظرها.
قبل وصوله إلى البیت الأبیض كانت مواقف ترامب حول أفغانستان تدعو للانسحاب من بلد (تتعرض فیه القوات الأمریكیة للقتل، فیما تهدر الملیارات من الدولارات)، على حد قوله، والحقیقة أن تغیّر موقف ترامب من مدیح وتبریر الانسحاب إلى التمهید لتعزیزات (تقدر ب3900 جندی ینضافون إلى 8400 جندی أمریكی ضمن قوة دولیة تعد 13500) لا یقدّم جدیداً فی الحرب الدائرة منذ 16 عاماً، وهی أطول حرب خاضتها الولایات المتحدة الأمریكیة فی تاریخها، وأدّت، على عكس المطلوب منها، إلى نشر فكر (القاعدة) أكثر، ومع احتلالها اللاحق للعراق، فتحت الباب لاختلالات سیاسیةهائلة أعادت روسیا وإیران على خارطة النفوذ الاستراتیجیة، من جهة، ونشرت، من جهة أخرى، أشكال ردود الفعل والتطرّف الجهادی فی كل أنحاء العالم.
رغم قوّتها العسكریة والاستخباراتیة العظیمة فإن الولایات المتحدة لم تستطع بعد أن تفهم معنى الحرب المستحیلة فی أفغانستان والتی لا یمكن ربحها بأی حال من الأحوال، وهی، كما یبدو، تمشی مفتوحة العینین، من كمین إلى كمین أكبر.
النهایة
LINK: https://www.ansarpress.com/english/8220
TAGS: