رغم ادعاءات أمریكا بمحاربة الإرهاب أظهرت الحقائق والوقائع التی شهدتها السنوات الماضیة كذب وخواء هذه الادعاءات، وقد ثبت بالأدلة الدامغة أن واشنطن تقف وراء تشكیل ودعم الكثیر من الجماعات المتطرفة وفی مقدمتها تنظیم "داعش" الإرهابی.
ومن الاعترافات التی أدلى بها المسؤولون الأمریكیون بشأن وقوف واشنطن وراء "داعش" یمكن الإشارة إلى تصریحات وزیرة الخارجیة السابقة والمرشحة عن الحزب الدیمقراطی للانتخابات الرئاسیة الأخیرة "هیلاری كلینتون" والسیناتور الجمهوری "راند بول" وعضو مجلس الشیوخ عن ولایة فرجینیا "ریتشاردهایدن بلاك" والدبلوماسی المتقاعد فی وزارة الخارجیة "مایکل اشبرینك مان" وغیرهم. وحتى الرئیس الحالی "دونالد ترامب" كان قد اتهم خلال حملته الانتخابیة إدارة سلفه "باراك أوباما" بالتورط فی تشكیل ودعم "داعش".
فما هی الأهداف التی سعت وتسعى أمریكا لتحقیقها من وراء ذلك؟
یمكن تلخیص الإجابة عن هذا التساؤل بما یلی:
الأهداف الأیدیولوجیة
- تشویه صورة الإسلام أمام الرأی العام، وذلك من خلال الإیحاء بأن "داعش" یمثل طائفة إسلامیة، فی حین أثبتت الوقائع أن هذا التنظیم الإرهابی بعید كل البعد عن الإسلام، وخیر دلیل على ذلك جرائمه البشعة بحق الأبریاء التی لا تقرها كافة الشرائع السماویة والقوانین الدولیة.
- بث الفرقة بین المسلمین من خلال الزعم بأن "داعش" یمثل السنّة مقابل "الشیعة"، وهذا الأمر ثبت بطلانه أیضاً لأن جمیع المذاهب الإسلامیة ذات التاریخ العریق قد تبرأت من هذا التنظیم، ودانت بشدة أعماله الإجرامیة بحق الأبریاء.
الأهداف السیاسیة
- أعلن "داعش" بعد احتلاله مناطق واسعة فی العراق وسوریا عن تشكیل "دولة الخلافة" المزعومة، الأمر الذی سعت أمریكا لتوظیفه ضد الجمهوریة الإسلامیة فی إیران ومحور المقاومة الذی تدعمه طهران ویتصدى بقوة للمشروع الأمریكی المسمى "الشرق الأوسط الكبیر أو الجدید" الرامی إلى تمزیق المنطقة والاستحواذ على مقدراتها والتحكم بمصیرها.
- تخفیف الضغط على الكیان الصهیونی عبر إشغال إیران ومحور المقاومة بالتصدی لخطر "داعش".
الأهداف العسكریة
- قامت أمریكا بإنشاء قواعد عسكریة فی عدد من الدول الإقلیمیة بحجة الاستفادة منها فی محاریة "داعش" فی حین یعتقد المراقبون بأن الهدف الأساس من هذه القواعد هو تشدید الضغط على إیران باعتبارها الداعم الرئیس لمحور المقاومة.
- عقد تحالفات عسكریة مع عدد من دول المنطقة فی مقدمتها السعودیة بحجة مواجهة الإرهاب، فی حین أثبتت الوقائع أن الهدف الرئیس من هذه التحالفات هو ضرب قوى المقاومة فی العراق وسوریا ولبنان والیمن.
الأهداف الاقتصادیة
- عقد صفقات ضخمة لبیع الأسلحة لعدد من دول المنطقة لاسیّما فی مجلس التعاون وخصوصاً السعودیة بذریعة الاستفادة منها فی محاربة الإرهاب، فی حین یعلم الجمیع بأن الهدف من هذه الصفقات تحقیق أرباح طائلة تصل إلى مئات الملیارات من الدولارات لصالح الشركات الأمریكیة المنتجة للسلاح.
وما یعزز الاعتقاد بأن أمریكا تقف وراء "داعش" هو قیامها ولمرات عدیدة بقصف قوات الحشد الشعبی فی العراق التی تحارب هذا التنظیم، والشواهد على ذلك كثیرة وموثقة بالأفلام والصور.
إلى جانب ذلك قامت أمریكا بمنع القوات العراقیة من تحریر قضاء "تلعفر" غربی الموصل لوجود قیادات بارزة لتنظیم "داعش" فی هذا القضاء، بالإضافة إلى ذلك قامت القوات الأمریكیة بضرب قوات المقاومة المتحالفة مع الجیش السوری قرب "معبر التنف" المحاذی للحدود العراقیة لمنع هذه القوات من محاصرة "داعش" فی هذه المنطقة.
ولم یحصل ولو لمرّة واحدة أن تعرضت القوات الأمریكیة لهجوم من قبل عناصر "داعش" على الرغم من ادعاء واشنطن بأنها تحارب هذا التنظیم، وفی هذا دلیل كافی على أن هذا التنظیم لایهدد مصالح أمریكا فی المنطقة، لیس هذا فحسب؛ بل انه یعمل بالتنسیق معها على خدمة هذه المصالح، وما قام به "داعش" من جرائم بشعة واحتلال لأراضی واسعة فی العراق وسوریا أمام مرأى القوات الأمریكیة دلیل دامغ على أن واشنطن لیست بصدد القضاء على هذا التنظیم؛ بل هی تسعى للمحافظة علیه لإكمال مشروعها المشؤوم لتمزیق المنطقة.
أخیراً تنبغی الإشارة إلى أن أمریكا وبذریعة محاربة "داعش" سعت لتعزیز تواجدها العسكری فی العراق رغم رفض الشعب العراقی ورموزه الدینیة والوطنیة لهذا التواجد باعتباره یمثل انتهاكاً لسیادة البلد ویضاعف من التهدیدات الأمنیة التی تستهدف وحدته واستقراره.
من هنا یمكن الجزم بأن مزاعم أمریكا فی محاربة الإرهاب لیست سواء غطاء لتمكین الجماعات الإرهابیة وفی مقدمتها "داعش" لارتكاب المزید من الجرائم طالما أن ذلك یوفر لها الأرضیة لمواصلة تواجدها العسكری الكثیف فی المنطقة ویؤمن مصالحها فی شتى المجالات السیاسیة والاقتصادیة والأیدیولوجیة.
LINK: https://www.ansarpress.com/english/7925
TAGS: