تمثل الولايات المتحدة اليوم البؤرة العالمية لجائحة كوفيد-19، حيث توفي أكثر من 70 ألف شخص إلى حد الآن بسبب المرض، والبعض يتوقع أن يتضاعف عدد الضحايا هذا.
ونجد أن العديد من المسائل نفسها المتعلقة بأجهزة التنفس ومعدات الحماية الشخصية وإذا كانت في المتناول، تطارد الحكومة الفدرالية في واشنطن، تماما مثلما حصل في عديد العواصم الأوروبية. ولمواجهة النقص الحاصل الذي تواجهه الإدارة في المعدات، توجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى أريزونا، حيث زار منشأة لصناعة الأقنعة.
تعنت وانقسام
وكان تركيز وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي تعلق بالتخمين، إذا كان ترامب سيرتدي قناعا للوجه أم لا، فرغم نصائح مراكز مراقبة الأوبئة والحماية منها بأهميتها، كان ترامب يقول دائما عنها بشيء من التعنت: إنها لم تصنع لأجله، وهو لم يفاجئ أحدا عندما لم يضعها على وجهه.
وكما تمت الإشارة قبل أسبوعين، فإن الوسط العلمي منقسم بدوره، فمنظمة الصحة العالمية مازالت تعتبر أن الأقنعة ينبغي أن تخصص فقط للعاملين في مجال الصحة والأشخاص المرضى والذين يتولون رعاية المصابين بالفيروس ومن يصدر منه العطس والسعال. ولكن لماذا لم ينصح باستعمال الأقنعة على نطاق واسع؟
بين عالمي الصحة والسياسة
تبرر منظمة الصحة العالمية موقفها بالقول إن الأقنعة يمكن أن يلوثها سعال الأشخاص الآخرين وعطسهم، أو عندما يتم وضعها على الوجه ثم إزالتها. وتقول المنظمة إن غسل اليدين باستمرار والتباعد الاجتماعي هما أنجع السبل للوقاية، وإنه هناك قلق من أن يعطي ارتداء الأقنعة شعورا واهيا بالأمان.
في المقابل فإن الموقف السياسي في أوروبا يتجه نحو إلزام الناس بارتداء الأقنعة، خاصة على متن وسائل النقل العمومي وفي الأماكن المزدحمة.
وقبل يومين، سمح لمتاجر الأقمشة في بروكسل أن تفتح قبل أي متاجر أخرى غير أساسية، حتى يتمكن الناس من إعداد أقنعتهم الخاصة، كذلك تقوم المحلات التجارية الكبرى وأجهزة البيع الآلي بتخزينها بسعر التكلفة. والملاحظ في المتاجر الكبرى أن الكثير من الناس يحملون الآن أقنعة.
فيما يأخذ أناس كثيرون بنصائح منظمة الصحة العالمية، نجد أن آخرين يشيرون إلى دراسات تثمن استعمال الأقنعة وتقول إنها يمكن أن تنقذ حياة البشر. وخلال الأيام الأخيرة، قال علماء في جامعة ولاية أريزونا إنه إذا استعمل 80 في المائة من الناس الأقنعة، فإن ذلك يمكن أن يخفض عدد الوفيات في مكان ما بين 24 و65 في المائة.
المقاربة "الآمنة"
فبمن يا ترى نثق؟ ومن نصدق؟ يبدو بنهاية الأمر أن الحكومات الأوروبية تعتمد مقاربة أكثر أمانا عندما تكون موضع شك. ففي بداية الأزمة عندما عجزت الحكومات عن توفير أقنعة للعاملين في قطاع الصحة، ترددت في أن توصي بها عالميا خشية حصول نقص ما. أما وقد أصبحت الإمدادات مستقرة الآن، فإنه يمكن للنصيحة أن يوسع نطاقها، حتى وإن لم يحسم العلم في المسألة.
ولكن هناك ما يثير الخوف، فبعد أسابيع من الحجر الصحي، وفيما تستمر حالات العدوى مرتفعة نسبيا، لا يريد أناس كثيرون المخاطرة بحياتهم. فقد أظهر استطلاع في المملكة المتحدة خلال الأسبوع الماضي أن 67 في المائة من الناس سيشعرون بعدم الارتياح، إذا استخدموا وسائل النقل العمومي في حال رفع الحجر الصحي، وهذا مثير للقلق إذا كنت تحاول إعادة الناس إلى العمل.
إذن يبدو أن الحكومات تنصحنا بارتداء الأقنعة لا لأنها يمكن أن تحمينا، ولكن لأنها استنتجت أنها ستشعرنا بالأمان ونحن نحاول العودة إلى حياتنا الطبيعية.
وقد لخص رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ذلك عند عودته إلى العمل بالقول، إنه يتفق تماما مع الفكرة الداعية على ارتداء أقنعة الوجه بعد الحجر الصحي، وإنه يعتقد بأن ذلك مفيد لأسباب تتعلق بالوقاية من الوباء، وبأن ذلك يمنح الناس شعورا بالثقة في إمكانية العودة إلى العمل، ويبدو أن الغالبية في أوروبا تسير على هذا النهج.
المصدر: یورونیوز
URL تعقيب: https://www.ansarpress.com/arabic/17183
الكلمات: