في الوقت الذي تشن فيه حكومات الدول عبر جميع أنحاء العالم حربًا ضد فيروس كورونا يبدو أن فهم شفرات هذا الفيروس عملية مهمة جدا تحدد فعلا السبل الكفيلة لمحاربته والأطر العامة للوقاية من تبعاته في قابل الأيام كما يسهم الفهم الجيد في رسم استراتيجية دفاعية تمكن البشرية من تجنب الأوبئة وما يمكن أن تحدثه من تغييرات في أنماط حياتنا على مختلف الأصعدة.
العالم بدأ يدرك فعلا حجم الكوارث التي تحدثها الفيروسات في عصرنا الحاضر على الاقتصاد والناس بشيء مختلف عما فعلته في سابق الزمان حين كانت الوسائل التي تتوافر لدينا نحن اليوم غير متاحة حينها. ما هي الأدوار التي تلعبها الفيروسات بشكل عام في المناخ والبيئة وعلى أنظمتنا الصحية.
نقص المعرفة بالفيروسات
يرتبط نقص المعرفة بالفيروسات ارتباطًا وثيقًا بتاريخ البحث الطبي في حد ذاته. عرفت الفيروسات في المعاجم الطبية في القرن التاسع عشر بأنها عوامل مسؤولة عن انتشار الأمراض المعدية . في حين ركزت الأبحاث بشكل رئيسي على دراسة جانبها المرضي والإكلينيكي في نهاية القرن العشرين حيث بدأ العلماء بإلقاء نظرة فاحصة على الأدوار الثانوية الأخرى التي قد تلعبها الفيروسات في دمار حياة بني البشر بشكل عام.
البكتيريا ذات الجوانب النافعة
صحيح أن الفيروسات مدمرة لنظامنا البشري لكن البكيتيريا التي يمكن أن تكون أصل الداء قد تتغير مواصفاتها ووتحول إلى جانب نافع من باب "رب ضارة نافعة". ففي نظامنا الغذائي توجد أطعمة لتعزيز البكتيريا النافعة بالمعدة وحماية جهاز المناعة وهو ما يساعد فى الحد من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم. تتمتع هذه الأطعمة باحتوائها على البريبايوتكس والبروبيوتيك ،وهما نوعان من الكربوهيدرات غير قابلة للهضم تغذى البكتيريا الجيدة فى الأمعاء ،والتى تساعد على الحفاظ على حماية الجهاز الهضمى ،وتحسين مناعة الجسم. هذا ما خلص إليه العلم بشأن البكتيريا.
الجانب المظلم من الفيروس
أما الفيروسات فلا يزال العلماء يدرسون أشكال انتقالها في جسم الإنسان و ما تحدثه من آثار حين تغزو جهاز المناعة ولم نعرف إلى حد الآن سوى الجانب المظلم من الفيروس وهو الجزيء القادر على الفتك بالجهاز المناعي للمرضى و المسنني أيضا.وفي هذا العالم المعقد لا يكون السؤال : هل سنواجه جائحة أخرى من فيروس ما أم لا، بل متى سنواجهها بالفعل؟. الفيروسات تهاجم انظمتنا المناعية على حين غرة ففيروسات الأنفلونزا لا يمكن التنبؤ بها - ولا يمكننا أن نتيقن من توقيت اندلاع الجائحة القادم أو مكان اندلاعها. ومع ذلك، لا مفر من اندلاع جائحة أنفلونزا أخرى.
دور منظمة الصحة العالمية في الكشف عن الفيروس والعمل على مواجهته
وبغية حماية البشر في جميع أنحاء العالم من هذا التهديد، أصدرت منظمة الصحة العالمية الاستراتيجية العالمية بشأن الأنفلونزا 2018-2030. والاستراتيجية الجديدة هي أكثر الاستراتيجيات التي وضعتها المنظمة شمولا وأوسعها نطاقا. حيث ترسم الخطوط العريضة لعمل المنظمة والبلدان والشركاء معا على التأهب للوباء والوقاية منه ومكافحته. في عام 1918، اندلعت أكثر جوائح الأمراض المعدية فتكا في التاريخ وهي: جائحة الأنفلونزا لعام 1918. ومنذ ذلك التاريخ اندلعت ثلاث جوائح أنفلونزا - في 1957،- 1968، وفي2009 هاتش وان آن وان
الفيروسات هو عامل يتكاثر داخل خلايا كائن حي آخرولا يمكن مشاهدتها بالمجهر الضوئي. تصيب الفيروسات جميع أنواع الكائنات الحية. مثلا فيروس نقص المناعة البشرية هو واحد من الفيروسات المنقولة عن طريق الجنس، أو التعرض لدم مصاب بالعدوى .لا يوجد للمضادات الحيوية أي تأثير على الفيروسات لذا تم تطوير بضعة أدوية مضادة للفيروسات ذلك أن الفيروس يعيد برمجة خليته المضيفة لإنتاج فيروسات جديدة.
وفي هذا الصدد ﻳﻌﺪ ﻓﻴﺮوس ﻛﻮروﻧﺎ أﺣﺪ اﻟﻔﻴﺮوﺳﺎت اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﺐ ﻋﺪوى اﻟﺠﻬﺎز اﻟﺘﻨﻔﺴﻲ اﻟﻌﻠﻮي، والجيوب الأنفية، واﻟﺘﻬﺎﺑﺎت اﻟﺤﻠﻖ ﻳﻨﺘﻘﻞ اﻟﻔﻴﺮوس ﺑﻴﻦ اﻟﺒﺸﺮ ﻣﻦ شخص مصاب ﺑﺎﻟﻌﺪوى إﻟﻰ ﺷﺨﺺ آخر ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ الاتصال المباشر دون حماية (الرذاذ، إفرازات الأنف، اللعاب).
يعرف العلم الفيروسات باعتبارها "أصغر كثيرًا من البكتيريا في التركيب والمادة الوراثية كما يرى آخرون بأن اكتشاف فيروسات بيثوفيروس التي تناهز البكتيريا في الحجم بطول يصل إلى 1.5 ميكرومتر، بينما تتراوح أطوال البكتيريا في المعتاد بين 0.2 و2 ميكرومتر".وهكذا ينتهي العلماء في كل مرة بإخراج تعريف جديد أكثر غموضًا من سابقه، حتى وصلنا إلى التعريف الذي يقول: " إن الفيروسات هي «كيانات» مجهرية مُعدية من مادة وراثية محاطة بغلاف بروتيني، لا تستطيع ممارسة «الحياة» إلا داخل خلايا الكائنات المضيفة".على سبيل المثال يوجد ما يطلق عليه بعدد التكاثر الأساسي فلفيروس ما = 3، فهذا يعني أن شخصًا واحدًا مصابًا بهذا الفيروس يُحتمَل أن ينقل العدوى إلى ثلاثة أشخاص.
يمكن أيضًا أن تصاب الفيروسات بفيروسات أخرى أكثر منها وأقوى.. في عام 2008 ، اكتشف العلماء وجود فيروسات قادرة على التكاثر داخل الخلايا المصابة بالفعل بفيروسات عملاقة. لذلك يعتبر تكاثر هذه الفيروسات عائقا كبيرا لانتشار فيروس آخراو لنقل أضعف منه شدة.
في بداية انتشار فيروس كورونا الجديد، كانت الآمال تنصب على أن يتم احتواء المرض كوفيد 19 تماما كما كان عليه الأمر غداة تفشي سارس الذي تم القضاء عليه في عام 2003، لكن مع قصور تقنيات التشخيص وقدرة الفيروس على الاستشراء بسرعة كبيرة حتى في غياب تجلي الأعراض الدالة علي وجوده بات الأمل في الفتك بفيروس كورونا معقودا على ما تتوصل إليه البحوث العلمية التي تعمل بشكل فعال جدا وتسابق الزمن من أجل إيجاد لقاح يوقف امتداده على الأقل..على المدى القريب.
المصدر: یورونیوز
URL تعقيب: https://www.ansarpress.com/arabic/16153
الكلمات: